مثلما لكل إنسان شخصيته و طباعه و خصائصه، للدول أيضا سياساتها و مواقفها و ثوابتها، و يدفع المرء و كذا المرأة، أحيانا ثمن مواقفهما و اختياراتهما لكنهما يجدان بعض الذين يلومونهما على ذلك، و يجعلان منهما السبب في ما يجنيانه من وراء مواقفهما، التي نبعت من خصالهما و ثقافتهما و كانت تعبيرا عن شخصيتهما.
في عالم السياسة، يسود الموقف المتغير و تسود فكرة أن كل شيء ممكن في العلاقات بين الدول و حتى بين المكونات السياسية داخل الدولة الواحدة، و الثابت الوحيد حسب البعض هو التغيير، طبعا لأن الجمود علامة الموت، لكن ليس كل تغيير محمود و لا كل تبديل موقف علامة على الحصافة.
كسبت الجزائر بدبلوماسيتها و سياستها الخارجية منذ الأيام الأولى للاستقلال و حتى قبل دحر المستعمر الفرنسي، احتراما و إعجابا و تقديرا لا مثيل له في المحافل الدولية، و كان ذلك مدعاة فخر توج كفاح الشعب البسيط الأعزل بوسائله الخاصة في وجه الاحتلال، و رسمت الثورة الجزائرية بعظمتها و أسطوريتها ملامح جزائر الاستقلال، التي كان عليها الحفاظ على الوهج الثوري الساطع لماضيها القريب و الذي صنعت منه مواقفها تجاه القضايا العادلة في العالم، و نالت بفضله لقب "كعبة الثوار".
لكن الذين كانت تسوؤهم صورة الجزائر اللامعة في المحافل الدولية و صوتها المسموع بقوة و باحترام و إجلال في المنتديات العالمية، و لا يجرؤون على إظهار تلك الأحاسيس، بقوا يتربصون ببلادنا الدوائر، و يتحينون الفرصة التي تضعف فيها شوكتها لتصفية حسابات قديمة، و إعادة رسم المواقف التي كانت الجزائر بصلابتها تمنع المساس بها، فصارت القضية المركزية للأمة العربية و الإسلامية محل مساومات مبتذلة في سوق التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب للأرض و المنتهك للعرض و العابث بالشرف و المستأسد على البلدان المجاورة له، ينتهك سيادتها بكل صلافة، ليجد من يقبل على التودد له و المسارعة لإبرام اتفاقيات سلام مزعوم، بينما الشعب الفلسطيني يستغيث لاستعادة حقوقه التي اتخذتها الكثير من الأنظمة العربية سجلا تجاريا، و ساومت بها الأعداء.
هناك أيضا القضية الصحراوية، التي تصور البعض من دويلات الزمن الأخير أنه حان الوقت لتصفيتها متوهمين أن الجزائر صارت غير آبهة بالموضوع و أن ما تعيشه من أوضاع سوف يلهيها عن الاهتمام بمسألة إنهاء الاحتلال الملكي المغربي للصحراء الغربية، التي هي آخر مستعمرة في أفريقيا، بشهادة المجتمع الدولي و هيئة الأمم المتحدة.
وزير الخارجية صبري بوقادوم في حضور أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي في عاصمة النيجر قبل أسبوع أكد مجددا أن الجزائر ترفض المساومة على القضية الفلسطينية، و أنها تقف مثلما كانت دوما في صف الشعب الفلسطيني إلى غاية استرداده كل حقوقه و على رأسها حقه في إقامته دولته المستقلة و عاصمتها القدس الشريف، و هي المواقف التي تبنتها الدول العربية في مبادرتها للسلام التي أطلقتها من بيروت قبل سنوات، لكنها تنكرت لها اليوم.
كذلك كانت القضية الصحراوية التي تآلفت قوى "الهرولة للتطبيع" لكي تجعل منها هدية للظالمين المحتلين الذين تراودهم أحلام توسعية في شمال أفريقيا، و سعت لتأييد الظالم بدل الوقوف في صف المظلوم، من ثوابت السياسة الخارجية الجزائرية، التي لا يساوم عليها أحد، بخلاف الشعب الصحراوي الوحيد صاحب الحق الأزلي في تقرير مصيره، و اختيار مستقبله، و اتضح في الأخير أن الذين خانوا القضية الفلسطينية هم أنفسهم من حرضوا نظام المخزن المغربي على محاولة فرض أمر واقع جديد في الصحراء الغربية، و تبين أن الهدف واحد و هو النيل من مواقف الجزائر التي كانت تزعجهم و ترفع عنهم غطاء التآمر مع الأعداء على حساب حقوق الشعوب و حرياتها و كرامتها.
يدفع الإنسان ثمنا لمواقفه عن طيب خاطر و برضى تام، لأن مواقفه هي التي تصنعه و لا يخالجه الندم حين يجد نفسه منسجما مع نفسه و شخصيته التي عرفه الناس بها، و لو تعرض لهزات أو عايش ظروفا غير مريحة، و سيكون حاله أسوأ لو تنكر لمواقفه و لماضيه أو نكص على عقبيه و ارتد غير الذي كان، حينها سيظهر جبانا خائنا، مخادعا خائفا غير واثق. كذلك الدول التي تقف في سياساتها على مبادىء ثابتة صلبة، لا يضيرها تحرش الذين لا يعرفون للحق وزنا و لا يقيمون للشرف و الكرامة اعتبارا، و هي تدرك أن من ورائهم من كانوا بالأمس مصاصي دماء الشعوب و مجرمي الحروب الاستعمارية بشكليها القديم و الجديد.
الجزائر في 10 ديسمبر 2020
عمر شابي
مدير موقع "أطلس تايمز"
رفض أنتوني فاوتشي كبير الخبراء في الأمراض المعدية بالولايات المتحدة أمس، النظرية المؤامراتية التي تدعي أن مرض فيروس "كوفيد-19" تم تصنيعه في المخابر، كما تبين من خلال العديد من الباحثين و الخبراء أن كل الأخبار التي تربط بين فيروس كورونا المستجد و صراعات القوى العظمى عارية من الصحة.
الجزائر: ق.ب.ق/ وكالات
إحدى النظريات في هذا المضمار زعمت أن تفشي فيروس كورونا هو محطة في حرب بيولوجية، بعدما تسربت كميات من غاز الأعصاب (السارين) القاتل، من قاعدة أمريكية في أفغانستان، خلال قيام العسكريين الأمريكيين ببعض التجارب هناك، و قد نقله أمريكيون إلى الصين في مدينة "ووهان"، و تستند هذه الفرضية التي تم دحضها فيما بعد من بيكين و واشنطن على حد سواء، إلى تساؤلات رسميين صينيين في وقت سابق ردا على اتهامات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للصين بأنها لم تفصح عن حقيقة الوباء في بدايته.
و قال باحثون في دراسة نشرت في مجلة " نيتشر ميديسين" في مارس "إنهم لا يؤمنون بأن أي نوع من السيناريوهات المرتكزة على تصنيع فيرس كورنا في المعامل هو سيناريو معقول". و قارنت الدراسة التي أجرتها كريستين أندرسين العالمة في علم الأحياء الحاسوبي بمعهد سكريبس للأبحاث في كاليفورنيا بين فيروس كورونا الجديد أو السارس- كوف-2 بستة أنواع أخرى من فيروس كورونا أصابت البشر. تقول الدراسة "تحليلنا يظهر تماما أن السارس-كوف-2 غير مصنع معمليا".
و قال كبير الخبراء في الأمراض المعدية في قيادة جهاز مكافحة كورونا بالولايات المتحدة الأمريكية فاوتشي في بيان صدر عن البيت الأبيض أمس الجمعة "فحصت مجموعة من علماء الفيروسات التطوريين المؤهلين تأهيلا عاليا التسلسل في الخفافيش مع تطورها". مبرزا "أن التحولات التي مرت بها لتصل إلى النقطة التي عليها الآن متسقة تماما مع الانتقال من حيوان إلى إنسان ".
جاءت تصريحات فاوتشي مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية والعضو الأساسي في فريق عمل البيت الأبيض لمحاربة المرض في الوقت الذي يقول فيه بعض السياسيين الأمريكيين و وسائل الإعلام إن الفيروس مصنع معمليا على الرغم من نقص الأدلة القاطعة.
و من بين الإشكاليات المطروحة تحذير دبلوماسيين أمريكيين من نقص معدلات الوقاية الضرورية في مخابر مدينة "ووهان" الصينية التي ظهر بها الوباء أول مرة، وفق ما أكدته برقيات سرية للخارجية الأمريكية نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" قبل أيام، أعادت الجدل مجددا حول دور نظام التكتم الصيني في انتشار الجائحة التي قضت على أكثر من 222 ألف شخص عبر العالم حتى الآن.
كما انتشرت في وقت سابق نظريات تربط بين انتشار فيروس كورنا و بين تشغيل شبكات الجيل الخامس 5G للاتصالات، و من بين مراكزها الرئيسية مدينة "ووهان" ذاتها، و هو ما اعتبره البعض تفسيرا للانتشار السريع المذهل للفيروس ووصوله إلى مناطق قصية لا صلة مباشرة لها بمناطق إصابة، مثل ظهور الوباء في حاملات طائرات عسكرية و يخوت نزهة في عرض المحيطات البعيدة. لكن تلك الأفكار لم تقنع العلماء و الباحثين، الذي يضعونها في خانة الخيال التآمري. فقد انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية، مقاطع مصوّرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تظهر إحراق أبراج هواتف لاسلكية في منطقتي برمنغهام و مرزيسايد في بريطانيا. و كانت المقاطع المصورة مرفقة بالزعم عن دورها في نقل العدوى .
لكن عددا من العلماء وصفوا فكرة وجود رابط بين كوفيد - 19 وشبكات الجيل الخامس بأنها "محض هراء"، قائلين إنّ الأمر مستحيل بيولوجياً. كما وصف المدير الطبي في هيئة الخدمة الصحيّة الوطنية في إنكلترا، ستيفن بويس، نظريات المؤامرة تلك بأنها "أسوأ أنواع الأخبار الزائفة، مثلما نقلت" بي بي سي".
بات واضحا أن الجزائر تواجه مخططا لتركيعها، ليس الأمر كلاما يطلق على عواهنه، للتخويف من الأيادي الخارجية، و لا لوكا لخطابات كلاسيكية تجعل العدو الخارجي وسيلة لبسط السيطرة على المعارضة و إسكات الأصوات التي لا تعزف اللحن المطلوب، الأمر هذه المرة جدي و يحتاج إلى الذكاء و الحكمة و الحنكة.
كان أحد رعاة الغنم يلهو مستغيثا كل مرة، من مداهمة الذئب لقطيعه، فيهرع بقية الرعاة لنجدته و حين يصلون يجدون أن الأمر كان خدعة، و أنه كان يريد فقط جلب انتباههم إليه، و في واحدة من المرات هاجمه الذئب حقيقة، فلما استغاث لم يجد من يغيثه، لأن الجميع اعتقد أن الأمر كسابق الحالات، و لم يشأ أحد أن يبذل جهده في ما لا طائل من ورائه. القصة معروفة في الحكايات الشعبية الجزائرية، ربما تختلف في بعض التفاصيل بين منطقة و أخرى، لكن جوهرها واحد. لقد واجه الراعي الذئب منفردا حين هاجمه فعلا.
ربما يريد البعض أن يسقط قصة الراعي و الذئب على حقيقة استهداف الجزائر من خلال إحاطتها بطوق من الأعداء و من الحروب الملتهبة على حدودها، آخرها و أخطرها حرب الصحراء الغربية المتجددة، و التي صار فيها الكيان الصهيوني لاعبا فاعلا، بدعوة من الملك المغربي الذي قايض سيادته المزعومة على الصحراء الغربية مقابل إقامة علاقات كاملة مع إسرائيل، و الشروع في تنسيق أمني معها، بل و الحصول على معدات و أسلحة حربية لم تكن تتوفر له، لولا ارتماءه في أحضان العدو الأول للأمتين العربية و الإسلامية.
يجد البعض من الذين بلغت بهم الوقاحة في محاولة استغباء الآخرين و التلاعب بعقولهم، أن الحديث عن الخطر الخارجي الذي يتهدد الجزائر، ليس سوى تخويفا للشعب، بينما يدركون في عمق تفكيرهم أن المسألة ليست هينة، و يذهب بهم الأمر حد اعتبار تواجد إسرائيل على حدودنا الغربية مسألة غير ذات شأن، و ربما كان لديهم إيحاء بأن ذلك سيجعل خططهم المقبلة لركوب الموجة الجديدة سهلة التنفيذ، و لو على حساب أمن وطنهم و مصلحة شعبهم و سيادته التي دفع ثمنها غاليا.
ظهرت أصوات الخيانة في المغرب حين صفق عملاء المخزن للتطبيع مع إسرائيل، مهللين و معتبرين أنه خطوة سترفع الضائقة الاقتصادية عن بلادهم التي تختنق بفعل سيطرة حلف مالي و عسكري بين الرباط و باريس و تل أبيب برعاية لوبي قوي حول الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، بسبب نفقات تسليح ضخمة و مشاريع صناعات عسكرية عملاقة، لا تهتم القوى الكبرى بمصائر الشعوب في حساباتها.
لكن ليس كل المغاربة خائنون فقد تعالت بعض الأصوات الرافضة لما وصفته "خيانة" الملك و حاشيته للقضية الفلسطينية و هو الذي يرأس لجنة القدس، بينما حاول فصيل من الإسلاميين و من تنظيم الإخوان المسلمين تحديدا، و هم المتواجدون في الحكومة المغربية أن يبرر ما لا يبرر، و يلتمس الأعذار لقرار الملك، ملوحا بجني فائدة الاعتراف غير المعترف به بسيادة واهية على الصحراء الغربية التي جددت الأمم المتحدة التأكيد على بقائها تحمل صفة "قضية تصفية استعمار"، تحتاج بقوة إلى تطبيق لوائح الأمم المتحدة بخصوصها.
صار الشارع المغربي منقسما بين مؤيد و معارض، ولا يكاد صوت الرافضين للتطبيع يكون مسموعا، حيث يتعرض المعارضون لسياسات الملك و حكومته، يوميا في المملكة المغربية للقمع و الملاحقات البوليسية، لكن المؤيدين يحظون بالظهور الإعلامي الواسع في بلادهم و في قنوات الدول الراعية لصفقة بيع القضيتين الفلسطينية و الصحراوية.
من هنا يبرز الخطر على حدودنا الغربية، لأن تلك القوى تستهدف كل أصوات الرفض في المنطقة، و قد اتخذت من المغرب منفذا للوصول إلى شمال أفريقيا، ليكون جزءا في مخطط الشرق الأوسط الجديد، الذي تتمتع فيه إسرائيل بعلاقات طبيعية مع جيرانها العرب، و الذين سوف تسيطر عليهم لاحقا بتفوقها العلمي و التكنولوجي.
يعلم مهندسو السياسات أن الجزائر لن تكون مطلقا في صف المهرولين للتطبيع، مثلما أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، و بالتالي فهي ستكون العدو الذي ينبغي إضعافه و استنزافه و الضغط عليه بكل الطرق و بشتى الأساليب لكي يخفت صوته و يقل تأثيره، إذا استعصى إدخاله الحظيرة مثل غيره.
الحل يكمن في تقوية الجبهة الداخلية، فالجزائر قوية و لن تتزعزع مثلما جاء في الكلمة الأخيرة للرئيس عبد المجيد تبون، بل هي أقوى مما يتصور البعض، و هي تعلم أن ما حدث في المنطقة، كان منتظرا منذ فترة و تعلم أهدافه و مراميه، و هذا ما يجعلها على استعداد لمواجهته، كجزء من التصدي للأخطار المحدقة بأمنها القومي بمفهومه الشامل و الواسع. لكن بناء جبهة مقاومة داخلية صلبة و متينة و قادرة على رفع التحدي مرة أخرى من أرض جزائر الثائرين، يحتاج إلى بصيرة و تبصر و حصافة. بداية الطريق تكون بتحييد العدد القليل من الخونة، الذين جعلوا أنفسهم أدوات في يد قوى الهيمنة والاستعمار الجديد، و كشف مخططاتهم و منع سمومهم و فيروساتهم من الانتشار في جسد الأمة. فهم يعرفون أنفسهم و الشعب يعرفهم، و لن نواجه الذئاب منفردين.
عمر شابي
مدير موقع "أطلس تايمز"
حمل مشروع الإصلاح السياسي الذي برز من لقاء الرئيس عبد المجيد تبون مع مسؤولي أربعة صحف الليلة الماضية علامات الدولة "التبونية" ذات الملامح البوتينية (نسبة لرئيس روسيا فلاديمير بوتين)، من حيث الرغبة في الخروج من دائرة النفوذ الفرنسية و البحث عن رجال أعمال شرفاء.
الجزائر: عمر شابي
رئيس الجمهورية ركز في حديثه على الرغبة في الخروج عن الإملاءات التي كانت تمارسها إلى وقت قريب دوائر تعمل لصالح قوى أجنبية تريد الاستحواذ على القدرات الاقتصادية للبلاد، و تمنع حرية استغلالها مع شركاء اختارهم الجزائر.
كان واضحا أن فرنسا هي البلد المقصود في خطاب رئيس الجمهورية، الذي قدم أمثلة عن ذلك بالحاجة إلى استغلال الثروات المنجمية النادرة التي تتوفر عليها الجزائر، مما يصطلح على تسميته "التربة النادرة" من معادن اليورانيوم و الذهب و الألماس و غيرها، حيث قال أن هناك من لا يريدنا أن نستغل ثرواتنا إلا من خلال موافقته، و المرور عن طريق شركاته.
كرر الرئيس في حواره شرط النزاهة في رجال الأعمال الذين ستفتح لهم الدولة الباب لكي ينجزوا مشاريعهم، من الذين لا يفكرون فقط في مصالحهم الضيقة باستنزاف موارد البلاد من العملة الصعبة، تحت غطاء الاستثمار الوهمي، و الذين يصدرون مواد أعادوا تصنيعها من مواد أولية مستوردة بالعملة الصعبة، ثم يطالبون بمزايا عن عمليات التصدير.
في هذه النقطة تتطابق صورة "الجزائر الجديدة" مع مشاهد من الصراع الشهير الذي قاده الرئيس الروسي بوتين مع رجال الأعمال من كبار طبقة "الأوليغارشيا" في بلاده، حينما كانت قاب قوسين أو أدنى من الإنهيار، فقام وقتها الرئيس بوتين بسجن العديد من كبار الصناعيين ذوي العلاقات "المشبوهة" حسبه مع الغرب الرأسمالي ليعيد لروسيا أمجادها، و ظل يحارب المعارضين لسياساته التسلطية بذريعة أنهم صنيعة "الأعداء" تحركهم قوى أجنبية لا تريد عودة روسيا القوية.
رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون قال أن تغيير النظام الذي أراده "الحراك"، سيتم قبل نهاية السنة ببناء مؤسسات قوية، بعيدة عن سطوة المال الفاسد و عن الارتباطات المشبوهة بالزبائنية التي كرستها العقود الماضية من التسيير، ففي ظل بحبوحة مالية كانت الإغراءات بالمزيد من المكاسب كبيرة، و لكنها همشت كثيرا الطبقات الفقيرة التي صار حرمانها من أبسط الحقوق خطرا على السلم الاجتماعي، منوها أنه لن يعتمد سياسة "شراء الذمم" ببرامج تنموية وهمية، بل سيحافظ على المكتسبات الاجتماعية و يعمل على زيادتها وفق قواعد عمل شفافة و واضحة أساسها دولة قوية تفرض القانون على الجميع.
في مناحي أخرى اتجه خطاب رئيس الجمهورية بخصوص حرية المبادرة و العمل و فتح الأبواب للجميع حتى تتفجر الطاقات الخلاقة للشباب الجزائري الذي هو طاقة المستقبل، نحو الاستلهام من التجربة الصينية في مجال التطوير الاقتصادي للبلاد، بفرض سلطان القانون الصارم على الجميع من مسؤولين و مواطنين باختلاف درجاتهم و منازلهم.
و هو ما يبرز من فكرة الرئيس تبون حول شعور المواطن بالثقة و الأمان حينما يكون باستطاعته رفع الظلم عنه و لو كان من الدولة، بمقاضاتها أمام العدالة التي ستنصفه دون اعتبار لمكانة الخصم. و هنا يبرز التوجه السلطوي للدولة "التبونية"، التي ستواجه امتحانا عسيرا لإثبات استقلالية القضاء، و كسب معركة الثقة المفقودة.
للمفارقة يحظى الفريق الحاكم حول الرئيس تبون بفسحة زمنية منحتها إياه جائحة كورونا، من باب "رب ضارة نافعة"، لكي يعيد بناء جسور التواصل مع فئات واسعة من الشعب، الذي لا يستعجل الملموس من التغييرات الموعودة، بقدر ما يتابع كمراقب -غير ساذج- لكل التحولات التي تجري في هياكل منظومة الحكم.
عمر شابي
----------------------------------------------------------
07.03.2021
07.03.2021
06.03.2021
05.03.2021
03.03.2021
03.03.2021
02.03.2021
01.03.2021
01.03.2021
01.03.2021
01.03.2021
28.02.2021
28.02.2021
27.02.2021
27.02.2021
26.02.2021
26.02.2021
24.02.2021
24.02.2021
23.02.2021
22.02.2021
22.02.2021
21.02.2021
21.02.2021
21.02.2021
21.02.2021
21.02.2021
20.02.2021
18.02.2021
17.02.2021
17.02.2021
17.02.2021
17.02.2021
17.02.2021
17.02.2021
16.02.2021
16.02.2021
16.02.2021
15.02.2021
15.02.2021
15.02.2021
15.02.2021
15.02.2021
14.02.2021
14.02.2021
14.02.2021
14.02.2021
12.02.2021
12.02.2021
11.02.2021
11.02.2021
11.02.2021
10.02.2021
10.02.2021
10.02.2021
09.02.2021
09.02.2021
09.02.2021
09.02.2021
09.02.2021
08.02.2021
08.02.2021
08.02.2021
07.02.2021
07.02.2021
07.02.2021
07.02.2021
07.02.2021
07.02.2021
تمثل مدام "مايا" الابنة المزيفة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة و إسمها الحقيقي نشينش زليخة شفيقة، التي ادعت أنها ابنة عبد العزيز بوتفليقة من زوجته السويسرية، اليوم الأربعاء أمام محكمة الشراقة بخصوص قضايا فساد تتعلق بوزراء سابقين و رجال أعمال و إطارات سامين في الدولة، من بينهم سكرتير بوتفليقة محمد روقاب الذي طلب الدفاع حضوره للإدلاء بشهادته في القضية.
الجزائر: ق.ب.ق
المتهمة و هي من مدينة الشلف تمت متابعتها في قضايا فساد؛ إلى جانب ابنتيها إيمان و فرح، و كل من الوالي السابق عبد الغني زعلان، و الوزير السابق محمد الغازي و ابنه، والمدير العام السابق للأمن الوطني عبد الغني هامل و سيناتور سابق، إلى جانب 10 متهمين آخرين، حيث تواجه تهمة تبييض الأموال وتهريب العملة الصعبة نحو الخارج و استغلال النفوذ و منح امتيازات غير مستحقة و تبديد المال العام.
و كان عناصر الضبطية القضائية للدرك الوطني قد عثروا في فيللتها بإقامة الدولة في موريتي غرب العاصمة على مبالغ خيالية من الأموال بالعملة الصعبة و بالدينار الجزائري و على كميات ضخمة من المجوهرات. حيث تم العثور بعد عملية تفتيش منزلها على مبلغ مالي قدره 9 ملايير و500 مليون سنتيم، مقسم على 3 حقائب كبيرة الحجم، وتبين أن المبلغ حصلت عليه المتهمة "مايا" كهدايا نظير خدمة تقدمت بها لصالح أحد المقاولين وعدد من أصدقائه، بعد تدخل الوالي السابق لوهران لصالحها.
و حسب أوراق القضية فقد كبد المتهمون في القضية الحال خزينة الدولة مبلغ 1.234.663.449.00 دج، بينها 700.000.000.00 دج في مجال المال المختلس الناتج عن مزايا وامتيازات غير مبررة، يضاف إليه ما لا يقل عن 25 كيلوغراما من الذهب أي مبلغ 200.000.000.00 دج، فيما قامت المتهمة بتحويل مبلغ 1.550.000.00 أورو أي ما يعادله مبلغ 234.663.449.08 دج إلى إسبانيا أين قامت بشراء 3 عقارات وهو ما خلف ضررا جسيما لخزينة الدولة.
وفي تفاصيل أخرى، فإن المدعوة "مدام مايا"، استفادت من عقارات ومشاريع بتقمص شخصية ابنة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة من زوجة سويسرية مجهولة، حيث كانت تقصد الولاة مثلما حدث مع الوالي والوزير السابق عبد الغني زعلان، و محمد الغازي بعد أن يتلقوا أوامر من مستشار رئيس الجمهورية السابق محمد روقاب، باستقبالها والتكفل بها، حيث قدم روقاب المتهمة إلى الوالي الغازي حين كان في الشلف قائلا انه تلقى أمرا من الرئيس بوتفليقة بالاهتمام بها، على أنها فرد "من العائلة" و قد استفادت مباشرة بعدها من قطعة أرض كبيرة لإنجاز حظيرة للتسلية بولاية الشلف، كما استفادت من قطعة أرضية أخرى بولاية وهران، حيث تدخلت هي شخصيا لصالح مستورد لحوم مجمدة كان يريد إقامة مشروع في عاصمة الغرب الجزائري.
و تذكر معلومات حول القضية، التي ترسم صورة متكاملة عن استشراء الفساد في جمهورية آل بوتفليقة، أن الوزير السابق عبد الغني زعلان الذي تولى إدارة الحملة الانتخابية للعهدة الخامسة قبل أن يجهضها الحراك الشعبي في 22 فيفري 2019، و الذي كان واليا سابقا لوهران اتصل بالسعيد بوتفليقة وطلب منه حقيقة ابنة الرئيس، لينفي هذا الأخير علاقتها بأخيه و يطلب منه و من الغازي تجميد كل قرارات الاستفادة التي تحصلت أو كانت ستمنح للمدعوة "مايا"، مقابل ترقيتهما إلى منصب، وهو ما تم فعلا بعد شهرين فقط من تنفيذ الأوامر.
وحسب ملف القضية لدى محكمة الشراقة فإن وقائع القضية تعود إلى معلومات موثوقة وصلت إلى مصالح الأمن، تفيد أن المسماة "زليخة" ربطت علاقات بمسؤولين وموظفين سامين في الدولة وتمكنت بفضل هذه العلاقات استغلال النفوذ من ابتزاز مقاولين ورجال أعمال وحملهم على دفع رشاوى ومزايا وأموال لقاء التدخل لصالحهم لدى المسؤولين، وتمكنت من فعل ذلك وهي تدعي علاقتها بمحيط رئيس الجمهورية وعائلته، واستطاعت أن تجمع ثروة طائلة من نشاطها الإجرامي المشبوه .
وتشير التحقيقات إلى أن "مدام مايا"، قامت بتبييض أموال العائدات الإجرامية، في إطار جماعة إجرامية منظمة من خلال استثمارات وشراء عقارات بأحياء راقية بالعاصمة، وتهريب أموال أخرى بالعملة الصعبة إلى الخارج، خاصة نحو إسبانيا، مستفيدة من تواطؤ بعض الموظفين على مستوى المطار الدولي هواري بومدين، حيث قامت بشراء عقارات وفتح حسابات بنكية في عدد من الدول الأوروبية.
ق.ب.ق
Journal Electronique Algerien
Edite par: EURL Atlas News Corp.
R.C: 18B0071953-00-25
Directeur de Redaction : Amor Chabbi
مدير التحرير : عمر شابي
Adress:39;Rue Aouati Mostapha Constantine Algerie DZ Algeria